كن صديقي مبادرة تعيد حب التعلم للفلسطيني زيد

لم تكن المدرسة بالنسبة للطفل الفلسطيني زيد ذو العشرة أعوام، مكاناً مفضلاً بالنسبة له، فغالباً ما يفضل أن يكون بعيداً عن الأخرين ربما لاعتقاده أنه يتجنب التعرض للتنمر من قبل أقرانه الأطفال، خاصة وأنه من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعانون من صعوبة التعليم، لكنه وحسب والدته لديه رغبة في التعليم لكنَ شعور الخوف دائما ما يسيطر عليه.

وفي مدرسة الزير الأساسية في قرية "جناته" قضاء مدينة بيت لحم جنوب فلسطين المحتلة، وبين جدران الصف الرابع الأساسي جلس زيد مستغرباً المشهد من حوله في الأيام الأولى من العام الدراسي، فلم يكن يرغب في الاستماع ولا حتى المشاركة ودائما ما يترك كتابه أمامه مغلق، ويبقي شارد الذهن وفي بعض الأحيان يرسم خطوطاً عشوائية على أول صفحة في كتابه بشكل متكرر.   

وتمر الأشهر الأولى من العام الدراسي ولا يزال زيد يخجل بشكل شديد من أقرانه داخل الفصل وفي ساحة المدرسة وأوقات الفراغ يفضل البقاء وحيداً، ويرغب دائما في التغيب عن الذهاب إلى المدرسة، لكن في بعض الأحيان تقول أمه أنها تشعر أن الأمر مختلفاً خاصة أنها  تدرك أن طفلها الجميل زيد يرغب بالتعلم وأنه ملامحه بعد العودة من المدرسة تقول أنه يبدوا سعيداً وحتى أنه في بعض الأوقات يستعجل الخروج إلى المدرسة ولكن بين هذان الشعوران (الخوف – وحب التعلم)، كنا نبحث كعائلة عما يمكن أن يشكل إضافة تكسر الشعور الأول وتعزز الثاني.

وفي منتصف الفصل الثاني من العام الدراسي شكلت مبادرة "كن صديقي" بالنسبة لزيد نقطة تحول فارقة في مسيرته التعليمية فهي جعلت منه شخصاً محبباً للمدرسة والتعلم وحولته من خجول إلى مشاغب في بعض الأحيان، حيث عزز لديه الثقة بالنفس وكسرت حاجزاً العزلة الذي وضع نفسه داخله وبدأ يشارك أقرانه الأطفال التفاعل في الفصل ولم يعد يترك كتابه مغلق وبات أكثر تركيز خلال شرح معلماته عموماً ومعلمته مريم خصوصاً صاحبة مبادرة "كن صديقي".

زيد الخجول بات أقرانه يبحثون له عن لقب أخر، كما تقول معلمته مريم وبعضهم وصفه بالمشاغب اللطيف وآخرين يرون أن معجزة الفصل خاصة بعدما أظهر تفاعلاً عاليًا بعد دمجه في أنشطة المبادرة حيث بدا ذلك لافتًا خاصة عندما يمارس الألعاب وتقبله لأقرانه إضافة إلى مبادرته في الحديث والمشاركة مع أقرانه إلى جانب إصغائه لتوجيهات معلماته.

التغيير الإيجابي على سلوك الطفل زيد وزيادة ثقته بنفسه انعكست بشكل وأضح في محيط عائلته ومنزله، فأصبح أكثر تواصلاً مع الأخرين وبات أقرب إلى المشاركة والتفاعل مع أطفال العائلة، ولم يعد مفضلاً لفكرة الانطوائية، ودائما ما يحدث أمه عن تفاصيل يومه في المدرسة.

الابتسامة وغياب شعور الخوف في ملامح زيد، شكلت مصدراً فرح وفخر للمعلمة مريم التي عملت معه على مدار أشهر الفصل الدراسي الثاني وكانت دائمة التواصل مع عائلته لتعرف التغيير الإيجابي الذي حصل على وضعه، وتقدم الإرشاد لأمه في التعامل مع التغيير الذي ظهر على زيد "المشاعب اللطيف"، الذي بات يصفه فيه أقرانه المحبين له. 

 

بقلم : أمل البرغوثي 

2021