المساجد تناصر أهداف الحملة العربية للتعليم في فلسطين والسودان واليمن. 2013-2014

تحظى المساجد في العالم العربي والاسلامي بأهمية كبرى وخاصية روحانية تجعلها تترك أثراً أكثر عمقاً من أي مؤسسة تعليمية أخرى نظراً لمكانتها الدينية وأهميتها في بناء الفرد والمجتمع. إن دور المساجد في الاسلام يتخطى كونها مكاناً للعبادة الروحانية فقط إلى كونها منبراً للتوجيه والإرشاد والتعليم والتذكير من خلال الصلوات الخمس اليومية وخطبة الجمعة التي تشكل فرصة لتوجيه رسالة حول قضية معينة بشكل أسبوعي. وما يؤكد على أهمية وفعالية دور المساجد في حياة العرب المسلمين انتشارها الواسع في كافة مدن الدول العربية حيث تضم كل منطقة بمساحة صغيرة مسجد واحد على الأقل. وعلى الرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة حول عدد المساجد في الدول العربية إلا أن التقديرات تشير أن عدد المساجد في فلسطين عام 2006 وصل إلى في فلسطين 2228 مسجدا، كما قدر عدد المساجد في اليمن ما يقارب 75,000 مسجد موزعة في أنحاء اليمن، وفي السودان تجاوز عدد المساجد في ولاية الخرطوم وحدها 400 مسجد.  

وبما إن المسجد في المفهوم الإسلامي الخالص هو مقر إعلان العبودية الخالصة لله تعالى، كما أن العلم في الإسلام شرط أساسي في أداء العبادة الصحيحة بمفهومها الشامل فلا بد أن يكون للمساجد دور فاعل في نشر العلوم والمساهمة في تشر الوعي حول أهمية التعليم وتطوير العملية التعليمية. من هنا قررت الحملة العربية للتعليم ممثلة بائتلافاتها في كل من فلسطين، واليمن والسودان الاستفادة من الدور الحيوي الذي تعلبه المساجد في حياة العربية والمسلمين لمناصرة أهداف الحملة العربية للتعليم. وخصوصاً صلاة الجمعة التي تعد حدثاً أسبوعياً يجتمع فيه كافة شراح المجتمع من الرجال والأطفال وحتى النساء للاستفادة من درس أسبوعي يلقيه إمام المسجد حول قضية دينية أو مجتمعية.

بدأت القصة من اليمن ومن الائتلاف اليمني الذي نجح في الاستثمار في الارث الاجتماعي والثقافي لتعبئة المجتمع وضمان القبول الاجتماعي. تم ذلك من خلال توظيف المساجد وإقناع أئمة المساجد، وقادة القبائل والجيش لمناصرة أهداف الحملة العربية تحت شعار (كل طفل يحتاج إلى معلم). إن التركيز على كسب تأييد القيادات المتمثلة بوجهاء القبائل وأئمة المساجد والجيش ساهم بشكل كبير بكسب تأييد المجتمع اليمني بشكل عام. حتى أن نجاح هذه الحملة زاد من طموح الائتلاف اليمني لاستهداف قضايا أكثرتعقيداً مثل تعليم الفتيات.

إن فكرة الاستفادة من الارث الاجتماعي والثقافي لاقت نجاحاً كبير في اليمن للوصول إلى أكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع. الأمر الذي شجع ائتلافات أخرى للاستفادة من التجربة وتوظيفها في بلدانهم.

تضمن برنامج الائتلاف اليمني الخاص بفعاليات الأسبوع العالمي للتعليم للجميع الذي انطلق من  19/4/2013 إلى 24/4/2013 تخصيص يوم الجمعة الموافق 19/4/2013 للاحتفاء بالمناسبة تحدث  من خلالها خطباء المساجد والمرشدين عن أهمية التعليم، وتم التركيز على دور المعلم وإبراز شعار " كاد المعلم أن يكون رسولا". إن هذه الخطوة كان لها أثر فاعل نظراً لأن الحديث عن أهمية التعليم صدر من خطباء المساجد وهي الجهات الموثوقة بالنسبة للمجتمع اليمني الذي يثق أنه المواعظ التي يقدمها أئمة المساجد لا يمكن إلا أن تصب في طاعة أوامر الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

أما في فلسطين فقد تواصل أعضاء الائتلاف الفلسطيني مع وزارة الأوقاف الفلسطينية والتي وقعت معهم اتفاقية تفاهم. من خلال هذه الاتفاقية تم التعميم على كافة أئمة المساجد لتخصيص الخطبة في أحد أيام الجمعة للحديث عن أهمية التعليم. ونتيجة لجهود أعضاء الحملة في فلسطين تم اعتماد  مسألة جعل التعليم والمعلم عنواناً لخطبة يوم الجمعة الموافق 26/4/2013 في كافة مساجد فلسطين، وتم تكريس الخطبة للحديث عن التعليم ومكانة المعلم. هذه الخطوة حققت أوسع مشاركة مجتمعية وأهلية للحملة العالمية لأنها ساهمت بجعل كل بيت فلسطيني مشاركاً في الحملة من خلال مشاركة أفراده بصلاة الجمعة وبالتالي الاستفادة من خطبة الجمعة عدا عن أن الخطبة كانت تبث في وسائل الإعلام ممثلة بالراديو والتفلزيون، وبالتالي وصلت رسالة الحملة إلى كل من كان يستمع للخطبة في وسائل الإعلام.

في السودان، جذبت فكرة الاستفادة من المساجد أعضاء الائتلاف السوداني نظراً لكون السياق في السودان متشابه إلى حد كبير مع اليمن حيث المساجد هي المنبر الوحيد الذي يجمع الناس على اختلاف أطيافهم وانتمائاتهم. تحرك أعضاء الائتلاف السوداني من جانبين؛ من جهة، تم بناء تحالفات مع قيادات قبلية ودينية التي من خلالها لن يتم فقط الوصول إلى العدد الأكبر من الناس، بل إن ذلك سيضمن تمتع الحملة بالقبول الاجتماعي نظراً لكونها بالأساس تكسب ثقة القيادات الدينية والقبلية والتي هي مفتاح للوصول إلى الناس. ومن جهة أخرى تم التنسيق مع الشؤون الدينية في وزارة الاوقاف للتواصل رسمياً مع أئمة المساجد لتحديد يوم جمعة يتحدث فيه الخطباء عن أهمية التعليم. وبالفعل خصص الخطباء يوم الجمعة الموافق 9/5/2014 للحديث عن التعليم وأهمية العلم والتأكيد على أن طلب العلم مثبت بآيات من القران والكريم واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. تم البدء بعشرة مساجد في السودان هي مسجد الشهيد ومسجد القوات المسلحة ومسجد جامعة الخرطوم ومسجد بحري الكبير ومسجد ود الاعسر بالحاج يوسف ومسجد الفرقان بالمايقومة شرق النيل ومسجد السيد السنهوري ومسجد الخرطوم الكبير ومسجد النيلين ومسجد شارع 15 بالعمارات.  تم اختيار هذه المساجد لأنها تشهد إقبال من قبل القادة والساسة والقيادات المحلية  ومن المتوقع أن يتم التوسع تدريجيا في نشر الفكرة نظراً للنجاح الذي تم تحقيقه.

 

إن الاستفادة من خطبة الجمعة للتأكيد على أهمية التعليم ودور المعلم له أهمية خاصة كونه يساهم في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع من ناحية. ومن ناحية أخرى توصيل الرسالة المرجوة من مصدر يعتبر الأكثر مصداقية بالنسبة للناس